مسلم معتز بدينه
الخلاصة : أن أبواب التبرج محدودة ، ويسهل تفاديها وهي لبس القصير أو الضيق أو الرقيق أو المزين اللافت للنظر ، وعلينا أن نرسي مبدأً هاماً ، وهو أن الإسلام هو الإستسلام ، والإذعان والإنقياد لأمر الله تعالى ، إذاً يكون موضع البحث هو التأكد من أن هذا التكليف قد ورد في كتاب الله أو في سنة رسول الله .*
*
فهيا أختاه نعود إلى رضا الله الذي خلقنا وأفاض علينا نعمه،وزادنا من فضله.ما أقبح ان نعصى الله بنعمه!!... أليس كذلك؟! ، فهذا الحجاب أمر به الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وقد قال الله تعالى : { وما كان لمؤمن ولا مؤمنةِ إذا قضى الله ورسولُه أمراً ، أن يكون لهم الخِيَرةُ من أمرهم ، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً }.إذاًً المسألة ليست مسألة اقتناع، بقدر ما هي مسألة إيمان وامتثال لأمر الله.وإنا لعلى يقين من وجود الخير داخلك ،فإنك ما تقومين بمعصية الله عن قصد ، وإنما هي فطرتك في حب الظهور بمظهر الجمال والتناسق ومسايرة أقرانك ، ولكن ما دام هذا يثير الفتنة ويغضب ربك ويؤدي للإساءة إليك ؛ باعتبار أن التبرج قرينة تشير إلى سوء النية وخبث الطوية، مما يعرضك لأذى الأشرار والسفهاء، فعليك ألا تُصِّري على ذلك...
وتحتَجُّ بعض الفتيات حين تنهاها عن التبرج أو تأمرها بالحجاب الشرعي، أنها مقتنعة تماماً، لكن شهوة المظهر تغلبها، وهي لا تستطيع ضبط نفسها. وقد يبدو العذر منطقياً لدى البعض لأول وهلة، ولكن حين تراها في شهر رمضان وقد التزمت بعض الشيء -وهو سلوك محمود ولا شك- يدل على أنها تملك القدرة على ضبط نفسها و الانتصار على شهوة المظهر.
أختاه، تخيلي بعض الملتزمات في عقلك...واسألي نفسك هذا السؤال: ألا أستطيع أن أكون واحدة من هن ؟! كيف نجحوا وهم يعيشون في المجتمع نفسه ولهم شهوات وأمامهم عوائق كما أن لي شهوات وأمامي عوائق؟!...، فقد كان العديد من الفتيات في طريق التبرج ثم منَّ الله عليهن بالهداية ؛ فتبدلت أحوالهن وتغيرت و سرن في رِكاب الصالحات الطائعات .
فكيف ينجحن في اجتياز هذه العقبة وتفشلين أنت؟! ولماذا استطعن التوبة ولم تستطيعي أنت ؟! إن العوائق عند الكثير من الفتيات عن التوبة والالتزام ليس عدم الاقتناع، بل هو شعور بعدم القدرة على التغير. أفلا تُعتبر هذه الفتاة الملتزمة نموذجاً لك، ودليلا على أن عدم القدرة لا يعدو أن يكون وهماً نصطنعه ؟!! فماذا يمنع أن تكوني أنت واحدة من هؤلاء ؟! وما الذي يحول بينك وبين ذلك؟!...
فأعيدي الحسابات... وصححي الطريق... ولا تكوني ممن تقتنع بخطأ طريقها وتتمنى التغيير؛ لكنها تنتظر المناسبة ألا وهي أن يموت قريب لها، أو تُصاب بحادث فتَتَّعِظ؛ فيهزها الموقف فيدعوها للتوبة!! ولكن ماذا لو كانت هي ذلك الميت فيتعظ بها غيرها ؟ أو كان الحادث الذي تنتظره ليردها إلى التوبة فيه نهايتها ؟!! أختي الفتاة، ليس للإنسان في الدنيا إلا فرصة واحدة، فالأمر لا يحتمل المخاطرة.
فهناك غائب ينتظرك وليس له وقت محدد، إنه الموت.. نعم الموت.. قد يأتي وأنت تأكلين أو تشربين أو نائمة، وربما وأنت تضحكين أو تلعبين... فاتقي الله ، فمهما تهربين منه فإنه ملاقيك { قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم } ماذا أعددتِ له؟ ... ماذا عمِلتِ للفوز برضا الله؟ قولى لي بربك ... كيف ترتاح نفسك وأنت عاصية لله؟ أم كيف يطمئن قلبك ،كيف يرضى ضميرك عما أنت فاعلته؟!! أما استشعرتي عظمة الجبار؟! أما تخافين غضب الواحد القهار؟!... نعم لقد أغضبتِ مولاك من أجل هواكِ .. من أجل أن يُقال فلانة جميلة .. وليكن ذلك قد قيل . ثم ماذا ؟. ثم تُلعنين ؟!! إلى متى وأنت في غفلة؟! إلى متى وأنت تقولين غداً أتوب ؟! غداً أرجع إلى ربي ! غداً أخلع كل المنكرات و أقوم بكل الصالحات... !!! إلى متى ؟!!...
أختي الغالية كوني شجاعة ولا تترددي.. اتخذي القرار! .. واسلكي طريق الصالحات ، ولا تغتري بكثرة الهالكات فعمل الناس ليس هو الحُكم يقول الله تعالى: { وإن تُطِع أكثر من في الأرض يُضلوكَ عن سبيل الله } وقال أيضا : { قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون } ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم « لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق »
واعلمي أن الله عز وجل يفرح بتوبة عبده ، ويبدل له السيئات حسنات عند رجوعه إليه { إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً} وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « للهُ أشدُّ فرَحاً بتوبة عبده المؤمن من رجل في أرض دوية مهلكة (الصحراء الخالية) معه راحلته عليها طعامه وشرابه ، فنام فاستيقظ وقد ذهبت ، فطلبها حتى أدركه العطش ثم قال أَرجعُ إلى مكاني الذي كنت فيه فأنام حتى أموت ، فوضع رأسه على ساعده ليموت ، فاستيقظ وعنده راحلته عليها زاده وطعامه وشرابه ، فالله أشد فرحاً بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده ».وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « قال الله عز وجل يا ابن آدم ، إنك ما دعوتني ورجوتني ، غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي ، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني ، غفرت لك ولا أبالي ،يا ابن آدم لو أتيتني بِقُراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتُك بقُرابها مغفرة َ».
أختاه... إن فيما أوضحته لك ما يكفي لإقناعك بالمنطق السليم الذي لا التواء فيه ؛ بأن اتباع شريعة الله تعالى لا يضمن لك بلوغ مرضاة الله فحسب ، بل هو يضمن لك إلى جانب ذلك تحقيق أسباب سعادتك الدنيوية كلها ، فقد بدا من النادر أن توجد امرأة مسلمة ترتدي الزى الإسلامي قد جاوزت سن الخامسة والعشرين دون زواج ، فالزواج سنة الله ، وما عند الله لا يُنال إلا بطاعته .
أمَا وقد تبين لك كل ذلك ؛ فقد آن لك أن تنهضي للاستجابة لحكم مولاك العظيم ، وأن تصطلحي مع الله عز وجل بعد طول نسيان وتنكر له ، ودعيك من انتقاد الناس وحسابهم ، فإن حساب الله غداً أشد وأعظم .. تَرَّفعي عن السعي إلى مرضاتهم وتحقيق أهوائهم، فإن التسامي إلى مرضاة الله أسعد لك وأسلم ، ولسوف تجدين وأنت تعزمين على الرجوع إلى صراط الله من يحاول أن يرهق مشاعرك تخديراً تحت وطأة هذه التقاليع التي أحاطت بك ،كما تحيط خيوط العنكبوت بضحيتها الحبيسة.
واعلمي أن المصيبة كل المصيبة ، أن تعلمي الحق وتؤمني به ، ثم لا تتجهي إليه بخطوة أو بعزم كأن الأمر ليس مما يعنيك في شئ ، أو كأن الذي شرع هذا الحق و أمر به لن تطولك يده ، ولن يبلغ إليك بطشُه وسلطانُه ، مِثلُ هذا الحال يعتبر أعظمَ سبب لاستمطار غضب الله تعالى والتعجيل بعقوبته ، وعقوبة الدنيا هنا لا تتمثل في بلاء عاجل يحيق بالإنسان وحسب، وإنما تتمثل أيضا في انغلاق العقل وقسوة القلب ، فلا يؤثر في أحدهما تذكير ولا تخويف ولا تنبيه مهما كانت الأدلة واضحة والنُذُر قريبة... حتى إذا جاءه الموت تخطّفَه وهو على هذا الحال ، فينقلبُ إلى الله تعالى وقد تحول انغلاق عقله وقسوة قلبه إلى ندم يُحرق الكبد ، وقت لا ينفع الندم ولا رُجُوعَ فيه إلى الوراء. وقد عبر الله تعالى عن هذه العقوبة وسببها بقوله : { ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكِنَّة أن يفقهوه وفي آذانهم وقراً وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذاً أبدا }.
واعلمي أيضا أنه ما من شاب يُبتلى منك اليوم بفتنة تُغريه ، أو تُشغل له بالا، وكان بوسعك أن تجعليه فى مأمن منها، إلا أعْقَبَكِ منها غداً نَكالٌ من الله عظيم.
فالله الله في الحجاب .. الله الله في الستر والعفاف.. فإن كنت مؤمنة، فالذي أمرك بالحجاب هو الله، فما عليك إلا أن تقولي ما قالته المؤمنة الأولى الطاهرة، سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير.
وأرجوا من الله تعالى أن يوسع صدوركن لهذه الكلمات وان يجعلني وإياكن ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وأسأل الله لي و لكنِ الهداية و التوفيق والسداد،
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
il y a environ un mois