إتقان العمل .. ثمرة الإحسان
***
الإنسان المسلم يفترض فيه أن تكون شخصيته إيجابية، مقبلة على الحياة، متفاعلة معها، وبما أن الإنسان المسلم مطالب باستيفاء شروط الخلافة في الأرض والسعي في مناكبها عبادةً لله، وإعمارًا للأرض، واستفادة مما فيها من ثروات وخيرات فلن يصل إليها إلا بالعمل والعمل الجاد. لذلك كانت مطالبة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتقن الإنسان عمله: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه".
فالإتقان سمة أساسية في الشخصية المسلمة يربيها الإسلام فيه منذ أن يدخل فيه، وهي التي تحدث التغيير في سلوكه ونشاطه؛ فالمسلم مطالب بالإتقان في كل عمل تعبدي أو سلوكي أو معاشي؛ لأن كل عمل يقوم به المسلم بنية العبادة هو عمل مقبول عند الله يُجازى عليه سواء كان عمل دنيا أم آخرة. قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}. (الأنعام: 162-163).
فهل نحن نربي الآن في مجتمعنا المسلم الشخصية المسلمة التي تهتم بإتقان أمور الحياة كلها؟ فردية أو جماعية؟ وهل سبب تخلفنا وتأخرنا يرجع إلى فقدان هذه الخاصية؟ وما قيمة الشعائر والوسائل التعبدية التي لا تغير في سلوك الإنسان ونمط حياته ووسائل إنتاجه؟
إننا فعلا نفتقد التربية الأسرية والمدرسية والاجتماعية التي تجعل عمل الإتقان في حياتنا مهارة داخلية تعبر عن قوة الشخصية التي تكسب الإنسان الاتزان والثقة والاطمئنان والتفرد إلى جانب اكتساب المهارة المادية والحركية.
لذلك نحن مطالبون بترسيخ هذه القيمة التربوية الحياتية في واقعنا وسلوكنا؛ لأنها تمثل معيار سلامة الفرد وقوة شخصيته وسمة التغيير الحقيقي فيه، كما أننا مطالبون ببذل الجهد كله في إتقان كل عمل في الحياة يطلب منا ضمن واجباتنا الحياتية أو التعبدية.
***********
منقول