الحمد لله الذي لا منتهى لفضله وكماله وعطاياه، والصلاة والسلام على حبيبه ومصطفاه سيدنا محمد، ضياء هذه الحياة، ونور المقربين، وسر الواصلين لحضرة الله، وغوث الأنام أجمعين في الأهوال الحشرية يوم لقاء الله....
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه ، .... وبعد
فإن أهل الإيمان يشعرون هذا العصر وفي هذا الزمان بغصة في حلوقهم وأسى في صدورهم وحزن في قلوبهم لما يرونه من أحوال المسلمين حولهم ، فقد تداعى أهل الكفر قاطبة على أهل الإسلام:
وكثرت الفتن وانتشرت الإحن وكثرت الفرقة بين صفوف أهل الإيمان حتى بلغت من شدتها أنها تكاد تجعل الحليم حيران. ومما يثير الأسى أن من قاموا بما يسمونه الصحوة الإسلامية المعاصرة كان كل همهم الإهتمام بالشكليات في الزي والمظهر وآداء العبادات الإسلامية، بينما جلية الأمر والمخرج مما فيه المسلمون الآن من تخلف عن الحضارة المعاصرة، وضعف وفقر، لا يكون إلا بالعمل بالقرآن على النهج الذي كان عليه أصحاب النبي رضي الله عنهم أجمعين، فقد ورد فى الأثر المشور{ كونوا قرآنا يمشي بين الناس } فعاشوا بالقرآن وأكلوا وشربوا وناموا بالقرآن، واستخرجوا كنوز الأرض بالعمل بالقرآن، وحاربوا عدوهم بأسلحة القرآن من الهيبة في صدور أعدائهم وقذف الرعب في قلوبهم قبل إمساكهم بالسلاح والسنان. فكان القرآن هو الإمام الناطق لهم، وإن سكت، وهو المحرك لهم وإن سكن، فحقق الله لهم به الحياة الطيبة في مجتمعاتهم، والعزة والنصر على أعدائهم، فكانوا كما قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه في شأنهم : ((نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإذا ابتغينا العزَّة بغيره أذلنا الله ))[1]