السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل علينا أن نتعلم كيف نعيش؟
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن والاه، وبعد.
قال الله تعالى: (إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ).. فإذا عرفنا أن ( إنما ) في اللغة تعني الحصر والتخصيص ، فعلينا حينئذ أن ندرك أن الخشية الحقيقية لله تعالى ليست عملية سهلة، ولا يستطيعها أي إنسان، بل عليه أن يطلب العلم ويبحر في أعماقه، ويسبر أغواره، ويضرب من أجله أكباد الإبل، حتى يدرك خشية الله حقيقة، ويعاينها ويعانيها.
من أجل ذلك كان العلماء ورثة الأنبياء، وكان الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم، وباتت الحيتان في البحر تصلي على معلمي الناس الخير، كما قال عليه الصلاة والسلام.
ولم يأت في الأحاديث ولا الآيات تخصيص للعلم الشرعي، بل تركت المجال مفتوحاً لكل العلوم، فكل عالم هو عظيم في تخصصه، وكل من سهل للناس علماً فهو داخل في عموم مدح الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام.
ولكن ما هو أفضل العلوم؟! ومن أين نبدأ بالتعلم؟! وهل كل العلوم على درجة واحدة من الأهمية ، بحيث أيها بدأت به حققت مرادك ومطلبك؟!
الحقيقة أنه لا يستطيع إنسان أن يجزم بفضل علم على الآخر، ولكن كل إنسان يستطيع أن يجزم بأهمية علم على آخر بالنسبة إليه، فحاجات الناس مختلفة، وأولويات البشر متناقضة، وما تحتاجه أنت لا يحتاجه غيرك، وما تحبه أنت لا يحبه الآخرون... وهكذا، إلا أنه من المعلوم أن العلوم العينية التي لا يستغني عنها أحد على رأس الأولويات، فمثلا العلم الشرعي بأحكام العبادات لا يسقط عن مسلم ، ولكن معرفة أحكام المواريث مثلا لا يحتاجها كل أحد.
فإذا عرفنا ذلك ، فإننا نجد أن هناك علماً لا يستغني عنه أي أحد، هو علم التعايش، وبعضهم يسميه علم الحياة، وفي المدارس قد يسمى مهارات الحياة، أو مهارات الاتصال ، وفي التدريب قد تجده بعدة مسميات منها: فن التواصل، أو إدارة الحياة.. أو غيرها، وتكمن أهمية هذا العلم من حيث أنه يشق طريقك في المجتمع، ويجعلك تعيش بين الناس كإنسان هادف فعال، لا أن تكون عالة على المجتمع، بل أن يكون المجتمع بحاجة إليك.
هذا العلم مهما اختلفنا في تسميته -ولا مشاحة في الاصطلاح– ، فهو العلم الوحيد الذي لن تراه في مدرسة تقليدية، أو جامعة، ولكنه خبرة حياتية لكثير من البشر، تجمعت وتعاظمت حتى صارت مجموعة قواعد وأسس لتنظيم حياة البشرية ، والرقي بها إلى أعلى المراتب، تتعلم فيه صنع أهدافك، وتتعلم كيف تحب الناس وتجعلهم يحبونك، وكيف تعيش بينهم بسلام وطمأنينة، تتعلم فيه البناء لا الهدم، والرقي لا التخلف، والمعروف لا المنكر!.