السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ضغوط الحياة .. كيف نتعامل معها ؟
د. سمير يونس
كان أحد المدربين يدرب طلابه على إحسان التعامل مع ضغوط الحياة وأعبائها ، فرفع كأساً مليئة بالماء ، وسأل المتدربين: كم وزن هذه الكأس ؟ وهل تتفاوت قدرتنا على حمل هذه الكأس برغم أن وزنها واحد؟
اختلف المتدربون في تقدير وزن الكأس ، لكنهم اقرُّوا جميعاً أن قدرات الأفراد على حمل الكأس تتباين حسب قدرات كل فرد ، فبادرهم المدرب قائلاً : لقد نسيتم جانباً مهماً في الأمر، يمكن أن تدركوه إذا أجبتم عن السؤال التالي:
هل يشعر الواحد منا بمعاناة حمل الكأس ، إذا ظل يحملها ساعات ، وبين حملها دقائق ؟ فأجاب الجميع: نعم، سيشعر من يحملها ساعات بعناء أكثر ، وثقل أعظم.
فقال المدرب: إذن .. ليس المؤثر هنا الوزن المطلق لهذه الكأس فقط ، فالمعاناة تعتمد على المدة التي أظل فيها ممسكاً بهذه الكأس ، فإن رفعتها لمدة دقيقة لن أشعر بتعب ومعاناة ، وإن حملتها لمدة ساعة فسأشعر بألم في يدي اليمنى ، ولكن إن حملتها لمدة يوم فلربما تطلبون لي سيارة الإسعاف .. فالكأس لها وزن واحد ، وكذلك الضغوط كلما قويت عزيمتي وإرادتي على حملها ، وإحسان التعامل معها ، قلل ذلك من معاناتي، وكذلك تختلف المعاناة باختلاف طول مدة حملي للكأس !!
هكذا إذا طالت مدة حملنا للهموم ، وبالغنا في ذلك ، فإن حملنا جميع مشكلاتنا وأعباء حياتنا في جميع الأوقات ، فسيأتي الوقت الذي لا نستطيع فيه مواصلة الحياة ، لأن الأعباء ستتزايد وتضغط بأثقالها على كواهلنا ، فضع الكأس واسترح قليلاً قبل أن ترفعه مرة أخرى ، لإعطاء نفسك فترة استجمام وراحة ، لتجدد نشاطك من جديد ، وتفكر في حل مشكلاتك بأساليب جديدة ، وفي أجواء أفضل.
واضح أني لا أقصد بذلك أن تكون سلبياً ، كلما واجهتك مشكلة هربت منها ، معاذ الله ، ولكني أقصد أنك لن تستطيع أن تواصل حياتك ونشاطك إن قررت أن تحمل مشكلاتك ليل نهار تفكر فيها دون استراحة لجلب صفاء التفكير ، إنك بذلك تهلك نفسك ، فتتراكم عليك الهموم ، وتجلب على نفسك الغم والكدر ، ولكن ساعة وساعة.
يعود الواحد منا بضغوط ومشكلات في العمل ( وغير العمل أيضا ) ، ومن الخطأ هنا أن يبالغ في تجسيدها وتضخيمها ، ويرهق بها من حوله ، وينام بها ويستيقظ ، ويظل هكذا حتى يموت حسرة وكمداً .. والصواب أن يُروِّح عن نفسه ويسترخي ، ثم يفكر فيها ، وليعلم الإنسان من حوله إذا احتاج إلى مشورتهم ومساعدتهم ، أو إعلامهم بشيء يخصهم ولكن على قدر الحاجة ، دون أن يرهقهم بمشكلاته ، أو أن يبالغ هو وهم في إرهاق أنفسهم وإزهاقها بتلك المشكلات.